ارتشف قهوتي فتتعلق مرارتها على اطراف شفاهي ... لأعود وارتشفها مرة اخرى كلما الهبني العطش واعتصرت حمرتهم بحثا عن الإرتواء ... اجمع اوراقي الملونة ... احتويهم بيد باردة ... واصابع تشتاق ارتداء الدفء بعد يوم متعب طويل ... تكتسحه الوحدة وصمت المنزل ...
كم امقت نهاية الإسبوع .... بصمتها المطبق ... بكسلها الذي يجعل افكاري تتراكم فوق عقارب الساعه ... لتسقط فكرة تلو الأخرى مع صحوة النهار إلى غفوة المساء ... كل دقيقة تذكرني بخلو المنزل ... الا مني .... فأتلهف لحمرة المغيب حتى يحين وقت عودتهم لتمتلئ حياتي من جديد بصخب اطفالي ... وينتاب ذكرياتي معهم الخدر ... فتختبئ معلنة انتهاء يوم آخر دون بدر
تعالوا نكمل من مكان ما وقفنا بالبارت اللي فات
بعد ما تصادفت مع حمد بالممر ... تمت سالفة ان ناداني بخالتي جدام بدر حارتني لدرجة ان اول ما وصلت البيت بجيت بحضن امي وانا اشكي لها شلون يسوي فيني حمد هاللون ... وليش يفشلني جدام واحد ما اعرفه ... ولم تكن ردة فعل امي سوى ابتسامه وكلمات قليله أكدت لي شكثر انا هشه ... ودلوعه
مادري ليش ... مع ان حمد من زمان يقول لي خالتي واتضايق وبعدين انسى السالفة
اشمعنى اليوم بجتني هالكلمة ؟!!! اشمعنى اليوم بس اللي ما ابيه يكررها ؟!!!
اشمعنى جدام هالشخص ما ابيه ينطقها
ما ابيه يقولي خالتي
ما ابيه يكبرني
وشيللي جذبني ناحية هالشخص بالذات
شكله ؟! لو لونه ؟!
عيونه ؟! لو نظراته ؟!
ابتسامته الهاديه ؟! لو صوته اللي سمعته واهو يكلم حمد
في شي داخلي وما كنت عارفه اوصفه حزتها
بس اللي آنه متأكدة منه ان التتنح مال الفيزيا راح
فهمت شي اسمه المجال المغناطيسي ..... واني آنه.. كنت واقعة في المجال المغناطيسي لبدر وكان يشدني بصورة غريبة وحتى قوانين نيوتن فهمتها بهذاك اليوم
فهمت قانون الجاذبية .. وفهمت الفعل ورد الفعل كيف تكون مساويه له بالقوة ومضادة له بالاتجاه
بعدها بيومين تلاقيت مع حمد بالباركنج ... وكثر ما كنت مغتاضه اول ما قال ناداني خالتي هجمت عليه وقرصته على يده بقوة ابي اعوره كثر ما كلمته عورتني بهذاك اليوم
انت ما تعلمني متى بتيوز من هالسالفه
وهو يصرخ من الألم : آآآآي ... علامج صايره عنيفه هاللون
عشان تحرم تحرجني جدام ربعك ... وبعدين منو هذا اللي ناديتني خالتي جدامه
ابتسم : هدي يدي وانا اعلمج
موب هادتك لين اعرف
زينووه ...
نطقتها بتهديد : حمـــــــــد
زين والله بعلمج ... بس هدي يدي
طالعته بشي من الشك بس بعدين كسر خاطري وهديته
وهو يفرك مكان العوار : هذا صاحبي بدر ... وبعدين انتي ليش زعلانه .... ترى علمته اني اطفرج لا تخافين على برستيجج
يالله عليج صايره قوية ... شوفي شلون قرصتج علمت بيدي
ياربي عليك ... حمادي تعرف تتدلع بعد ... وبعدين شله تعلمه بالسالفه .. قلتها وانا اكور يدي الصغيره .. واضربه على كتفه
صرخ بألم ... علامج اليوم ... انتي داشه كلية المصارعة لو كلية الفنون ... شتوكلج خالتي بالبيت
اقتربت منه ثانية وانا مهدده ...
زين زين ... بقول والله بقول ... لأن سألني شلون اناديج خالتي وانتي شكلج اصغر مني بوايد ...
حينها ابتسمت وكأن اطمأن قلبي ... ليبتسم حمد ويسألني بخبث
شله هالإبتسامه
وانا اتركه متجهه لمحاضرتي : موب شغلك
واشتعل فيني احساس جديد وفضول ما كنت اقدر اعرف مصدره ولا فاهمته اصلا ...وتميت في الايام اللي بعدها أحاول اني اتلاقى ويا حمد باي طريقة ....حتى لو بيقولي خالتي انا راضيه
بس ابي اشوفه ... قصدي ابي اشوف اللي وياه
وشفته ...
شفته وآنه رايحة محاضرتي
حزتها كانت محاضراتي موزعة بين مبنى الآداب ومبنى البزنس
وكانت وحدة من محاضراتي في مبنى البزنس
وشفته هناك في الممر ...
لمحته من بعيد ... مثل ما هو لمحني من بعيد ..
وكل شي تغير حزتها ... الإحساس بالترقب والبحث المتعب ... تحول لشعور بالغبطه والفرح ... ويتراوالي ان الجو حولي صار ابرد ... وجنه .. جنه روحي ردت ...وصرت اشوف الألوان بشكل ابهى ... والأصوات اللي كانت تزعجني صارت مالها وجود .. والزحمة اللي كانت تضايقني بالممرات صارت انسب مكان عشان اخش احساسي فيه ... وبوجوده بقربي ... وعيوني اللي كانت تتبعه ... وما تتبعه بنفس الوقت ... ومحاضرتي اللي كنت استثقلها ... صارت مصدر سعادتي ...
وتكررت الشوفات .... بحكم ان عنده محاضرات في نفس المبنى ونفس الوقت من كل سبت واثنين واربعا
وكل شوفه تزرع بقلبي مليون آآهه ... وفوقهم مليون فرحه منخشه مثل الطفل الصغير اللي مستانس بس مستحي من وناسته ... كنت آنه وياه نشوف بعض بدخلتنا وطلعتنا من المحاضرات
وكنت في كل مره .... انخش من مشاعري ... والاقيها تصيدني ... تحكرني ... وتوجهني ناحية اتجاه واحد ... خط مستقيم ... يوصلني دايما لعيونه
تعرفون الشعور لما اتمون تنتظرون المحاضرة حتى اتشوفون شخص معين
وتحبون المحاضرة حتى لو كانت دمها ثقيل ...واللي يحاضر حتى لو كان القاءه رتيب ...والمبنى حتى لو كان بعيد .. واليوم حتى لو كان طويل ... والساعه حتى لو كانت نحيسه وتتمغط وكل هذا لأنكم بتلتقون فيها بهالشخص
تعرفون لما اييكم احساس ان هاليوم انخلق كله بزحمته .. بتعبه ... بهواه .. بريحته ... بحرارة شمسه .. بتفاصيله عشان تشوفون هالشخص
آنه كنت هاللون
كانت الساعات الثانية ما تعنيني ... والمحاضرات الثانية مجرد خطوات تقربني من هالمحاضرة ... وزحمة الممرات ولوية الطلبه كلها مخلوقه عشان تعطيني احساس ان موعدنا اللي ما اتفقنا عليه قرب ...
ومن ادخل الممر اللي يوصلني لمحاضرتي احس ان كل الحركه اللي حولي تسكن ... والأصوات تخفت ... وانفاسي تثقل ... ودقات قلبي تتناثر على الدرب اللي يوصلني لآخر الممر ...
واتساءل ... شلون كنت المحه من بعيد .... بين هالجمع كله ... وشلون اهو كان ينتبه لوجودي ... وعيونه تتبعني ... وابتسامته اللي فيها سلام من بعيد... فيها سؤال عني وعن احوالي تلاحقني حتى لو حاولت اصد ... او اسوي حالي ماني منتبهه
شنو هالرجفه اللي تتملكني كل ما التقت عيني بعينه ... وكل ما حسيت ان الفرح ملون ملامحه كلها لأن لمحني من بعيد ... وشكثر كان يتعب عشان يخش لهفته ... عني ... او عنهم ... مادري
كنت اتمني انه يجرب اكثر ... يقول شي ... تعبت من نظرات نختلسها ... وابتسامات تلوح على ملامحنا من بعيد ... تعبت من ترقب شي ما اعرفه ... بس ابيه ... ورغبتي فيه تشدني لدرجة الجنون ... ولدرجة اني ممكن افقد توازني بلحظه وما اتوقع ردة فعلي تجاه اي موقف ....
كنت يوم اللي اشوفه فيه ... اقضي طول النهار انتظر هاللحظه ... واقضى باجي الوقت بعد ما اشوفه بانتظار اللحظه اللي بتكون بعدها .... وطول الدرب وانا راجعه البيت ... اخلق مواقف ... وارسم صور ... واعيش احلام طفله ... او يمكن مراهقه ... اعيش قصص سندريلا ... وقطر الندى ... وكل الجماعه اللي قصت لي امي عنهم عشان اقدر انام وانا صغيره ...
بس تدرون شنو المشكله ... اني ما عدت صغيرة ... وما عادت هالقصص تنومني ... بالعكس ... صارت تشغلني ... وتحيي فيني مشاعر اول مره احسها ... ابي اتذوقها .... وابي اغرق فيها ... ابي اعيشها بجنونها ... وبتعبها ... بشوقها ... ولهاثها ...
ووصلت مرحلة اني ودي اهزه ... ودي اقول له ليش ناطر ... شنو ناطر .... انت شايفني ... وانا شايفتك ... انت لقيتي ... وانا لقيتك ... انت تنتظرني مثل ما انا انتظرك ... اثنينا نحاول نخلق اللحظه ... ونصنع الصدفه .... ونجتمع في ممر
شناطر يا بدر ...
بس اوقف عند هالفكرة ... واهز نفسي ... واصرخ بكل مشاعري اللي معاندتني ....
هذا جنون ... وقفي هني
انتي اكيد .... ينيتي
يتبع