.

تحذير : هذه المدونة تخضع لقانون حماية حقوق الملكية الفكرية ونحذر من نشر أو نقل أي نص أو مقال للكاتبة.. دون نسبه للمؤلفة.. في أي وسيلة

20.6.12

حديث الأربعاء ... عذرا لقلبي



(1)

لم يكن هو سوى جرح غائر ابتدئ معه صباحاتي .. انزف منه قليلا في فنجان قهوتي المحلى بسهر البارحة وارتشفه بكل تروى علَي ادرك ان للقصص التي تشبه حكايتي معه نهايات محتومة ..

ابعد القلم بعيدا خوفا من ان يفضحني حبره .. اتروى بالحديث مع قلبي حتى لا ينسكب بين يدي تعبا وشتاتا اعرفه انا وهو فقط ..
ونصبح معا مجرد قصص معلبة .. تعرض بشباك يباع من خلاله كل شيء ..

ورغم تناهيد السحر المرهقة الا ان تناهيد الصباح لها نبض مختلف ... تحمل ثقلا له خط موازي لحرقة الشمس .. تلك تكوي الواننا فنغرق بسمرة صيف قاسٍ طويل .. وهذه تكوي ارواحنا فنصبح اكثر شفافية ... تشجينا كل كلمة ونبكي حتى على بيت شعر ..



(2)

وتحمل صدورنا الكثير من الرسائل التي لا تستدل على طريق للبوح .. فتصدح بين تلك الردهات  بصوت مدوي وددنا لو كتمناه احيانا وخنقنا ضجيجه المنهك ..

هي زحمة من الأفكار التائهة .. فكرة تعلو بمزاجك فتطاول بها السماء زهواً وفكرة تزرعك بقيود الواقع فيكون الصفد بثقل الجبال ويكبلك قسراً ..

وتتراكم هرطقة هذيانك فيصبح الطرق على ابواب ادراكك مُلِحا .. فإما ان تختار ان تبوح وتنتهي الحكاية .. واما ان تختار السكوت وتحفر في صدرك هوة تغمر فيها كل رسائلك المغلولة ..

ويعلو الركام.. وتغمر الهوة بألف فكرة وفكرة .. حتى يتعالى الطلل ويخلق سدا منيعا بينك وبين من حجبت رسائله .. لتكتشف انه لم يبقى بينكم سوى الصمت

تبا لتلك الرسائل التي لا تصل ابدا .. لا تعرف مرفأ .. ولا تدرك عنوان ..



(3)

تأملت السقف .. ورسمت وجوها على اطراف خطوط الأفياء .. ذلك الخط يشبهني والآخر يشبهها ..

يتسامر الظلان .. ثم يتسمر احدهما ويرحل الآخر .. حتى هنا تبقى المسافات بيننا ويحل الرحيل .. لازلت املك ظلي .. وتحررت هي من جميع الظلال ..



(4)

تلك الأفكار التي نعتقها مساءا عندما تعز علينا الراحة ويأبي ذلك الجسد المرهق الاستسلام لسطوة السبات .. عندما نختار ان نلتصق بسقف يرافق ليالينا .. وحيطان اختارت ان تحتضن كل ذلك الجنون ... ليلة بعد ليلة .. ومساء بعد مساء .....

فكرة نزقة وقلب لا يستكين وخيال يعشق اللا معقول .. اقف بين مساحات الواقع وعالم علوي او ربما سفلي مختلف .. لا فرق عندما يكون الجنون هو العقل والعقل هو الجنون .. عندما نضحك قبيل لحظات البكاء ونبكي عندما يقترب الفرح .. ويكون الغبار نعمة نفر بها من قسوة الشمس .. والزحمة نعمة لأنها تقلل الحوادث .. والنوم نعمة لأنه يخمد نشاطنا العقلي فنركن للراحة .. فهل نحن فعلا نركن للراحة خلال فترة النوم ..

احلامنا تثبت العكس ..

هناك جزء من العقل ينشط اثناء النوم .. يتجول بين اروقة مختلفة في مكان ما .. شيء منها يحمل تفاصيل شخوص وأماكن نعرفها جيدا وشيء آخر يقتحم بنا عوالم لم نطأها من قبل ..

تلك العوالم الجديدة تأسرني ....وتلك الأحلام قد تستفز بي رغبتي بمعرفة ما وراء ذلك الحلم .. فافسرها احيانا عندما تروق لي تلك التفاصيل .. واتركها دون تفسير احيانا اخرى عندما يستفز حلمي رهبتي من امر ما ارغب بنسيانه.

بالفترة الأخيرة تعلمت كيف انهي حلم لا يروق لي ..

غريبة كيف يستطيع الوعي اقتحام هذيان اللاوعي وتنبيهي بأن ذلك مجرد حلم ويمكنني انهاءه .. او حتى تغيير احداثه .. والغريب اكثر انني اثناء احد احلامي كنت اعد نفسي بأنني سوف احكي تفاصيل ذلك الحلم غدا لوالدتي  علها تساعدني على تفسيره!!

هنا فقط ادركت ان عقلي لا ينام .. ووعيي لا يهدأ ابداً.



(5)

في يومي هذا تشغلني وعود لم افي بها .. تجميع لقصص قد كتبتها من قبل ، تنقيحها ثم نشرها ..
مشاعر مختلطة تؤرق منامي ..
والم قد غرس بكتفي كنصل خنجر مشتعل يأبى ان يتزحزح .. اريد حلا لثقل قد سكن اكتافي .. هل هو الهم ام المرض يا أمي !!



(6)

غريب امرنا .. نكون صغارا ونكبر ودائما نبحث عن امهاتنا عند اول بادرة تعب تباغتنا .. ربما لنقص معدل احساسنا بالأمان الذي نظن انه مفجور بين حناياها فنهرع لها لارتشاف المزيد حتى تتعادل كفتي الميزان ويغمرنا أمانها ...

اتمنى ان اكون ذلك الملجأ في يوم ما لأطفالي ..أن أكون بلسما لقلوبهم اذا ضن الزمان عليهم .. ان اعرف كيف احتوى شكواهم دون ان احكم عليهم .. وان املك من الحكمة ما يمدهم بالرأي السديد ومن الحنان ما يغمرهم بكل جود .. يلتحف احلامهم ويمدهم بسبات للراحة مديد..



..



(7)

عذار لهذياني .. افتقدت البوح هنا ..

وافتقدت ان أُسمع .. فعذرا لقلبي .....




(8)

في لجة السكون

نكتشف صخب العالم

نحاول أن نكون إطارا لهذا الصخب .. أو ربما عنوانا له لكننا عاجزون

كأننا ذلك الفراغ الذي يبدو أحيانا ما بين الإطار والصورة مساحة مهملة للاشيء *



*سعدية مفرح / ديوان كم نحن وحيدتان .. يا سوزان


14.6.12

من حديث مرجانة والسندباد .. الخامس



تغرق في لجة بحر واسع زرقته تلتهب تحت وطأة الشمس الحارقة فتبهت الوانه .. وكلما غاصت لعمق اكبر اكتشفت اخذها تيار جديد لاتجاه مختلف .. تبحث عن موطئ لقدمها تحت الماء .. ربما لرغبتها بالثبات وربما لأنها ليست سمكه ولا تستطيع العوم لمدة طويلة دون ان تقف .. تقيم الأمور ثم تعود لتطفو فوق صفحات التركواز .. ام كان خضارا يميل الى الصفرة .. اضاعت الألوان في بين تيه الأمور وشتات افكارها ... هل هو حلم او حقيقة تحاول الهروب منها ..

صوت صفير متباعد يصلها مكتوم عبر التيار .. تشق الزرقة بالاتجاه للأعلى لمصدر الصوت وتدفع الماء بقدميها وذراعيها .. -احتاج الهواء –تحدث نفسها في حين تكتنفها قشعريرة برد ووحشة .. ووهن يرهق ذراعيها ...

تشق السطح باندفاع الغريق نحو النجاة ... تشهق بكل قهوتها .. تحبس الهواء بين جدران رئتيها وتزفره رغبة باقتناص المزيد ..

نورس محلق من بعيد .. وملح يحرق شفتيها بعطش الغريق .. ويتواصل ذلك الصفير ..وكأنه صفارة انذار تعلن عن اقتراب خطر ما .. تبحث عن المرفأ وعن مصدر الصوت وتدرك كم تباعدت مساحات الأفق حتى اختفت ملامح الشاطئ ..

اذا من اين يأتيها ذلك الصفير المتقطع بشكل متقارب .. يعلو ويقترب .. ويعلو الموج معه في تواتر ينذر باقتراب عاصفة ما .. وكلما ارتفعت موجه حملتها معها لتلقيها في قاع الموجة التي تليها .. فتغيب تحت الماء لوهلة ثم ترتفع على صدر موجة أخرى .. تصارع الموت .. ويهلكها ذلك الصراع .. يقصيها بعيدا ..

تتحول السماء من زرقاء الى رمادية اللون .. وتجتمع غيوم الغضب لتصعق وجه البحر ببرق كحد السيف .. يقطع المسافات الخاوية بلمح البصر ويحيل الألوان حولها لبريق حانق يشبه نتر الفضة .. وتوقن انها هالكة لا محالة ... تصرخ وهي تطلب النجدة .. تلهث وراء طوق للنجاة لم يكن هناك .. تئن تحت رزح التعب وغياب الدفء بين تلاطم كل الأمواج المتصارعة .. تتخبط ذراعيها .. تتعب .. تستلم .. وتترك التيار ليأخذها للأسفل .. وتغيب مع لجة الاختناق مع تواصل الصفير ..

"مدام ميمي ... مدام ميــــــمي ....... "

اني اغرق .. اغرق .. اغرق

"ميــــــــــــــــــمي ........... "

منو اللي يناديني.. مين هناااااااك

"قومي .... شفيج ... قومي "

قومي!! آنا حلمانه ... ايه ايه .. انا حلمانة ... اشوة .. طلعت حلمانة

"مدام ميموووووووو .. اصحي ذبحتيني "

ياللهول .. طلع كل هذا حلم .. السندباد حلم !! جلجلان حلم !!!! اني اغرق حلم ... ايه حلم .. يالله يا ميمي اصحي .. طلعت السالفة كلها تأليف بتأليف ومن نسج عقلج الباطن ....

تفتح عينيها تحت وطأة رج متواصل .. تبعد اليد التي كانت تهزها بتملل : انزين انزييييين .. علامج انتي

تعود لتغمض عينيها مرة أخري وبكسل وتفتحها للتأكد من هوية من كانت توقظها .. تتسع عيناها اكثر ..تنهض وتعتدل في جلستها .. : منو انتي ؟؟

تجيبها الأخرى وهي تناولها فنجانا من القهوة : تحبين اجهز لج الريوق الحين او بعد ما تاخذين شاور؟

تتناول مرجانة الفنجان من يدها وتضعه على الطاولة المجاورة لفراشها : انتي منو!!

تقف الأخرى وتلتفت لها بكل استغراب : انا !! انا بشة !

مرجانة : أيْ بشة !! وبعدين اكو احد بهالدنيا كلها اسمه بشة

تتردد بشة قبل ان تجيبها : ايه آنا ..

تهم بشة بالخروج فتستوقفها مرجانة وهي تتفحص المكان حولها : لحظة لحظة .. انتي منووو ردي علي وآنا .. آنا ويني فيه بالضبط؟

تقف بشة .. تدرين حدقتيها باستغراب ثم تجيبها : انتي في بيتج ... وآنا مدبرة المنزل مالتكم

تلتصق مرجانه بظهر السرير .. تشهق ثم تسألها : بيتي !! ومدبرة منزل !! لاااا .. انا شكلي بعدي حلمانة ..

بشة بهدوء : يمكن كنتي حلمانة لما صحيتج .. بس الحين انا متأكدة انج واعية مثل ما انا واعية .. اروح اجهز لج الريوق

مرجانة : يعني شنو!!

بشة : يعني اظن من الأفضل تشربين قهوتج قبل لا توصل مضاوي

مرجانة : مضاوي !! مضاوي منو ؟؟

بشة – لا حول ولا قوة الا بالله .. شقصتها اليوم هذي - : مضاوي مديرة مكتبج !!

مرجانه تصرخ وهي مفزوعة : مكتب !! أي مكتب .. انتي شقاعدة تخربطين

بشة – مير محد مخربط الا انتي - : عمتي ..

يفتح الباب وتدخل مضاوي بسمارها القاتم وشعرها المملس وزيها الفاقع الألوان تحمل بديها حقيبة مليئة بالأوراق .. وبيدها الأخرى موبايل تضعه على اذنها محدثة شخص ما على الطرف الآخر من الخط .. تغلق الخط وتوجه حديثها لمرجانة باستهجان : انتي لما الحين بفراشج؟

مرجانة تبذل جهدا مضاعف محاولة ان تنهى هذا الحلم الغريب .. تغمض عينيها وتصفع نفسها تارة أخرى .. تقرص نفسها وترش وجهها بالماء تارة أخرى..

تقف مضاوي مدهوشة .. وتصرخ مرجانة : هذااااااااااااا حلم .. قومي قعدي ... قومي قعدي .. هذا حلم

مضاوي : اسم الله عليج الرحمن الرحيم . . ميمي شفيج

تعلق بشة : هذي حالتها من الصبح .. خل اروح اخلص شغلي - وتغادر –

مضاوي : شفيج!! مسخنة !! تعبانة ؟؟ - تقترب منها لتضع يدها على جبهتها

تبتعد عنها مرجانة : شوفي .. انا ما اعرفج .. فلا تعطين نفسج ميانه اكثر من اللازم .. وين امي؟

مضاوي وهي تجلس على الصوفا المقابلة للسرير : امج في ربوع سويسرا ..

مرجانة : سويسرا!! سافرت وخلتني ..

مضاوي : هاااو ميمي اسم الله عليج نسيتي انج انتي اللي دازتها على حساب الدولة تسوي ريجيم !

مرجانة : دولة !! أي دولة وأي ريجيم .. امي اصلا ما تحتاج تسوي ريجيم

مضاوي : اوووش لا احد يسمعج .. احنا دزيناها سكاتي .. يعني مو لازم الديرة كلها تدري انج مسفرة امج على حساب الحكومة تصيف بره .. علامج اليوم .. قومي يالله قومي لا تعطلينا قومي غسلي ولبسي وتريقي ورانا جلسة

مرجانة : لا لا لا لا .. انا اكيد مسخنة .. هذا مو حلم هذا كابوس .. كل شي فيه مخربط .. كل شي فيه مو منطقي

مضاوي : ميمي .. ترى كلش مو وقت تضيع وانهيارات عصبية .. انا ادري ان الضغوط زايدة عليج بالفترة الأخيرة والشعب قاعد يطالب برحيلج .. بس اذا ما تصرفنا امور كثيرة راح تتغير وروس كثيرة راح تطير .. قومي يالله .. آنا والجماعة حطينا لج خطة ما تخرش المية لا تحاتين ومنتي بروحج

مرجانة : آآآآه .. بروحي .. انا بروحي .. انا قاعدة اهذي .. وهذي كلها هلوسة .. اكيد هلوسة

يرن موبايل مضاوي وتجيبه : يالله صباح الخير على هالدحرة .. تعال الحق علي صاحبتنا اليوم صاحية من النوم مضيعة وييب معاك وكتم على الخبر يا يسمع السندباد بالموضوع .. مالنا خلق

تقفز مرجانة من مكانها وتصرخ : السندباااد .. وينه .. وينه ناديه .. عطيني التليفون .. عطيني اكلمه

مضاوي تبعد الموبايل عن مرجانه : اسم الله علينا شفيييج اليوم .. هذا مو السندباد .. السندباد رايح الحداق في مقاطعة عمانستان .. هذا جلجلان ..

تأخذ الموبايل من يدها قسرا وتصرخ : جلجلاااان .. الف الحمدالله .. اول صوت مألوف اسمعه .. الحق علي .. الحق علي .. انا شكلي استخفيت

تصمت قليلا وتستمع لجلجلان على الطرف الآخر من الخط .. تتسع عينها بدهشة .. تعقد حاجبيها بتفكير .. تجلس على طرف السرير .. تنزلق دون ان تشعر لتجلس على الأرض .. تزم شفتيها وهي تستمع له .. تغلق الخط .. تصمت لوهلة .. تبتسم .. تتجه للشباك .. تفتح الستائر .. تشاهد البحر ممتدا امامها بزرقته الجميلة وتتسع ابتسامتها .. تدير رأسها بزهو .. ترف اكتافها بغرور .. تبعد شعرها بخيلاء .. تتنحنح

تلتفت لمضاوي : يالله مضاوي ورانا جلسة



نعم .. تحققت امنيتها .. ولم يكن حلما ...





ومرحبا بكم في ولاية فسادستان



يتبع